عندما تتناول التقارير الإخبارية أحد الموضوعات المتعلقة ببيئة الأعمال، يعتقد معظم الناس أن الصحفي يتحدث فقط عن الشركات الكبرى ذات العلامات التجارية الشهيرة التي نراها على اللوحات الإعلانية والتلفزيون، ولكنه يتحدث عن الشركات بمختلف أحجامها. فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك شركة عائلية صغيرة تعمل في مجال التوصيل وتمتلك عدد محدود من الشاحنات ولا يتجاوز عدد موظفيها 20 موظف، فربما لا ينطبق عليها مفهوم "مؤسسة كبرى" من وجهة نظرك، غير أن إدارة شركة بمثل هذا الحجم يتطلب نفس المهارات التي تحتاجها أي مؤسسة أو شركة، مثل وضع استراتيجية قوية وعلاقات جيدة مع العملاء والمهارات الإدارية والدراية الجيدة بالشئون المالية. وسوف نتعرف من خلال هذا الموضوع على أهمية الشركات الصغيرة والمتوسطة وإسهاماتها الفعالة في تنمية المجتمعات المحيطة والاقتصاد الوطني بشكل عام، مثلما تفعل كبرى المؤسسات. 

ما هي الشركات الصغيرة والمتوسطة؟
يتم استخدام مصطلح "الشركات الصغيرة والمتوسطة" في جميع أنحاء العالم، وأيضًا في كبرى المنظمات العالمية مثل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية، غير أن تعريف هذا المصطلح يختلف من مكان لآخر. 

أما عن أوروبا، لا يتجاوز عدد موظفي الشركات الصغيرة عن 50 موظف، بينما لا يتجاوز عدد موظفي الشركات المتوسطة عن 250 موظف.[1] وفي الولايات المتحدة الأمريكية، يعتمد تعريف الشركة وفقًا لمعدل الإيرادات وعدد الموظفين، بالإضافة إلى عدد من الاعتبارات الأخرى مثل هيكل الملكية؛ ولكن بصفة عامة لا يتجاوز عدد موظفي الشركات الصغيرة والمتوسطة في أمريكا عن 500 موظف [2]. 

ففي مصر، قام البنك المركزي المصري بتصنيف الشركات الصغيرة والمتوسطة وفقًا لحجم أعمالها، ليتراوح ما بين مليون جنيه مصري و50 مليون جنيه مصري في الشركات الصغيرة، ويتراوح ما بين 50 مليون جنيه مصري و200 مليون جنيه مصري للشركات المتوسطة. [3].

ما هي أهمية الشركات الصغيرة والمتوسطة؟
يرى البعض أنه من السهل التغاضي عن أهمية الشركات الصغيرة والمتوسطة، ونظرًا لأنه نادرًا ما نتحدث عن هذا النوع من الشركات إلا أن عددها يفوق عدد المؤسسات الكبرى. ولذلك، يجب أن ندرك أهمية أثرها الكبير على الاقتصاد ونتفهم طبيعة احتياجاتها، مع التأكد من إدراجها عند إعداد التقارير الإحصائية، وكذلك عدم تجاهلها عند وضع الخطط والسياسات القومية. 

فبالنسبة للشركات التي تقدم خدمات الأعمال التجارية، مثل البنوك ومكاتب المحاسبة والمحاماة وحتى شركات التوظيف، ينبغي عليهم تصميم المنتجات والخدمات التي تلبي احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة باعتبارهم عملاء محتملين. 

والأهم من ذلك، نجد أن معظم الحكومات تدرك الاحتياجات الخاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تقوم هذه الحكومات باحتساب معدلات ضريبية مخفضة وإلزامهم بتشريعات مرنة ليتمكنوا من الامتثال لها. ومثلما تدعم الحكومات صناعات أو قطاعات اقتصادية بعينها، تدرك العديد من الحكومات أهمية الشركات الصغيرة والمتوسطة للاقتصاد وتوفير فرص العمل وهو ما ينعكس في تقديم برامج محددة لدعم هذه الشركات. 

الشركات الصغيرة والمتوسطة عالمياً
مما لا شك فيه أن عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة يفوق عدد المؤسسات الكبرى بل وتمتلك عدد أكبر من الموظفين، وفي الولايات المتحدة يوجد حوالي 28 مليون شركة صغيرة ومتوسطة، وتمثل حوالي ثلثي الوظائف الجديدة بالقطاع الخاص. [4] أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، هناك ما يقرب من 25 مليون شركة صغيرة ومتوسطة، تساهم بنسبة 56٪ من الاقتصاد وتوظف 66٪ من إجمالي القوى العاملة. [5] وفي أستراليا تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة 98٪ من إجمالي الشركات وتنتج ثلث الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. 

[6]وتتمثل أهمية الشركات الصغيرة والمتوسطة في مساهمتها في تعزيز النمو الاقتصادي، ونظرًا لصغر حجمها، يتأثر هذا النوع من الشركات بشكل كبير بملاكها وفريق الإدارة. ونتيجة لذلك، تعد الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر مرونة من مثيلاتها من المؤسسات الكبرى، كما يرى الكثيرون أنها مسؤولة عن دفع عجلة الابتكار وتعزيز المنافسة في مختلف القطاعات. 

الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر
يمتاز الاقتصاد المصري بقلة عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة، فمعظم الشركات (تمثل 97٪) متناهية الصغر حيث لا يتجاوز عدد موظفيها 10 موظفين فقط[7]. حيث أن حوالي 70٪ من الشركات العاملة في مصر والبالغ عددها42. مليون تمتلك موظف واحد أو اثنين فقط، في حين أن الشركات التي تندرج تحت قائمة الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي يتراوح عدد موظفيها ما بين 10 إلى 50 تمثل 2.7٪ فقط من إجمالي الشركات العاملة في مصر. [8] 

ونظرًا للدور الحيوي الذي تلعبه الشركات الصغيرة والمتوسطة في خلق فرص العمل، وضعت الحكومة المصرية على رأس أولوياتها تسهيل عمليات تمويل تلك الشركات وتنمية أعمالها. ففي عام 2016، قام البنك المركزي المصري بإطلاق مبادرة لتشجيع منح القروض متوسطة وطويلة الأجل للشركات الصغيرة والمتوسطة [9]. كما ألزم البنوك بتخصيص 20٪ من إجمالي المحافظ الائتمانية لتمويل هذه الشركات بهدف منح ما يقرب من 200 مليار جنيه لتمويل 350 ألف شركة وخلق 4 ملايين فرصة عمل جديدة. ونتيجة لذلك، قامت البنوك المصرية بتقديم المزيد من القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة، وبحلول عام 2019، ارتفعت قيمة تلك القروض إلى 146 مليار جنيه [10]. 

جدير بالذكر أن مميزات المبادرة التي أطلقها المركزي المصري لا تقتصر على تقديم الدعم المالي للشركات الصغيرة والمتوسطة فقط، بل يؤدي ذلك إلى فهم أفضل لدور القطاع المصرفي والتمويل بين الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث يتعين على الشركات التي تحصل على القروض بتنظيم ممارساتها فيما يتعلق بعمليات المحاسبة وإدارة الأعمال. وفي كثير من الأحيان، عندما تتقدم الشركات الصغيرة والمتوسطة بطلب للحصول على قرض هي المرة الأولى التي تنشئ فيها خطة عمل لبدء عملياتها. ومما لا شك فيه، فعندما تنمو عمليات الشركات الصغيرة والمتوسطة فإن ذلك يزيد من فرص العمل الجديدة وتساهم في الحد من معدل الفقر. 

الشركات الصغيرة والمتوسطة ودورك في تنمية الاقتصاد
هل أنت موظف لدى إحدى الشركات الصغيرة أو المتوسطة؟ ربما تعتقد أن العمل لدى شركة صغيرة يعني أن مساهمتك في نمو وازدهار الاقتصاد المصري لا يذكر، ولكن العكس هو الصحيح! فإذا كنت تدير أو تعمل في شركة صغيرة أو متوسطة، فأنت بمثابة العصب الرئيسي للاقتصاد المصري نظرًا للدور الكبير الذي تلعبه هذه الشركات في تنمية الاقتصاد وتوفير فرص العمل.

References
نحن نهتم لدينا فريق مخصص للرد على استفساراتك وتلبية احتياجاتك
    مقارنة (0/3)
    قارن
    مقارنة (0/3)